يُذْكَرُ أن الشيطان يضع كرسيه على البحر، ويرسل جنوده يضلون الناس، فإذا مات العابد لم يكترث بذلك، وإذا مات العالم فإنه يفرح فرحًا عظيمًا، فقال له جنوده: لِمَ تفرح هذا الفرح بموت العالم، ولا تكترث بموت العابد؟ قال؛ لأن العالم أضر عليَّ من العابد؛ لأن العابد إذا مات لم يفقده إلا نفسه، والعالم تفقده الأمة؛ فالعالم إذا اهتدى هدى الله به أُمة والعابد في مسجده، فقال الشيطان: وإن شئتم ضربت لكم مثلًا، يقال: إنَّه أرسل إلى العابد، فقال له: يا فلان: هل يستطيع الله - عزّ وجل - أن يجعل السماوات والأرض كلها في بيضة؛ فقال العابد: لا، السماوات كلها في بيضة!! لسان حاله يقول: أنا لو قعدت في البيضة ما وسعتني كيف السماوات والأرض؟ لا يمكن، ثم أرسل إلى العالم وقال له: هل يقدر الله أن يجعل السماوات والأرض في بيضة؟ قال: نعم {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس: ٨٢]، فجاء المندوب قال: انظر، هذا العابد كفر وهو لا يعلم؛ لأنه أنكر قدرة الله - عزّ وجل -، وذاك، أي: العالم آمن؛ لأنه قال: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس: ٨٢] على كل حال أنا أقصد أنَّ التعمق في هذه المسائل غلط، أثبت ما أثبته الله لنفسه، وأن الله على كل شيء قدير، وأعرض عما سوى ذلك.
الفائدة الخامسة: أن أفعال الله - عزّ وجل - مقرونة بمشيئته، بمعنى: أَنَّ ما لم يشأ لم يكن، وإن كان قادرًا عليه لقوله:{قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً}، يعني: ولكنه لم يشأ.