قوله:{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} هذه الجملة معطوفة عطفَ جمل، أي: قالوا إنها كذب ولم يصدقوا بها، جاءوا للآيات الكونية وقالوا هذه سحر، مثل فرعون حينَ رأى آيات موسى قال: هذا سحر، وكما قال الله - عزّ وجل - عن قريش: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ}، فكذبوا بالآيات الكونية، وكذبوا كذلك بالآيات الشرعية، ووصفوا الرسل بالكذبة وبالشعراء وبالكهنة وبالمجانين وبالمسحورين وما أشبه ذلك، وهذا تكذيب بالآيات الشرعية، هؤلاء الذين كذبوا بآيات الله {صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ} فلهم ثلاث أحوال، {صُمٌّ} بآذانهم لا يسمعون الكتاب سماع انتفاع، فانسد طريق الحق عنهم من جهة السماع، {وَبُكْمٌ} جَمْعُ أبكم وهو الذي لا ينطق، فلا ينطقون بالحق ولكنهم ينطقون بالباطل، {فِي الظُّلُمَاتِ} لا يبصرون، الظلمات محيطة بهم من كل جانب؛ لأن (في) تدل على الظرفية، والظرف محيط بمظروفه، فانسدت عليهم أبواب العلم والمعرفة: السمع والبصر والنطق، - والعياذ بالله - وفي هذا قال الله - عزّ وجل - في سورة البقرة: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (١٨)} [البقرة: ١٨].
قوله:{مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ} الجملة شرطية، فعل الشرط {يَشَإِ}، وجوابه {يُضْلِلْهُ}، أي: من يشأ الله إضلاله يضلله؛ لأن الأمر أمره - عزّ وجل -، لا معقب لحكمه ولا اعتراض