للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الزخرف: ٣٩]، وكانوا في الدنيا إذا اشتركوا في العذاب هان عليهم، لكن في الآخرة لن ينفعهم، وانظر إلى قول الخنساء (١):

ولولا كثرةُ البَاكينَ حولي ... على إخوانهمْ لقتلتُ نفسي

ومايبكونَ مثلَ أخي ولكنْ ... أُعَزِّي النفسَ عنهُ بالتَّأَسي

فإذا ذكر الله - عزّ وجل - لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ما يسليه ويقوي معنوياته، ويذهب عنه الحزن فإن هذا من فضل الله عليه - تبارك وتعالى -.

الفائدة الثالثة: حرص النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - على هداية الخلق، وأنه يحزنه إعراض الناس عن دين الله.

الفائدة الرابعة: علم الله تعالى بما في القلوب لقوله: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} نظير هذه الآية قوله تعالى عن آل فرعون: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا} [النمل: ١٤] {ظُلْمًا} مفعول لأجله، عامله (جحدوا)، أي: جحدوا بذلك ظلمًا وعلوًا، وانظر إلى قول موسى وهو يجادل فرعون يقول له موسى {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} [الإسراء: ١٠٢] قال: {لَقَدْ عَلِمْتَ}، ولم يكذبه فرعون في هذه المحاورة، لم يقل لا أعلم، بينما لما كان يجادل ويشرح لقومه يقول لهم: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ} [القصص: ٣٨]، والظاهر لي - والله أعلم - أن فرعون لم يقل لموسى إنني لا أعلم خوفًا من نزول العقوبة العاجلة، أو خوفًا من أن ينزل كتاب يكذبه، فالرجل أقر وطريق إقراره السكوت.

الفائدة الخامسة: أنه ينبغي للدعاة أن يتسلوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما إذا سمعوا ما يكرهون من هؤلاء المكذبين المعاندين،


(١) في ديوانها (ص ٧٢) طبعة دار المعرفة.

<<  <   >  >>