قوله:{الَّذِينَ ظَلَمُوا} المراد الكفار؛ لأن كل إنسان كافر فهو ظالم في حق نفسه، كما قال - عزّ وجل -: وَ {وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[البقرة: ٥٧]، وهو في حق الله معتدٍ حيث لم يقم بالواجب عليه وقد أتى قوله تعالى:(قُطِعَ) بصيغة ما لم يُسمَّ فاعله؛ لأنه معلوم وهو الله - عزّ وجل -، ولكنَّ اللهَ - تبارك وتعالى - في الأمور التي تسوء يأتي بها بصيغة ما لم يسمَّ فاعله، وهو كقول الجن: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (١٠)} [الجن: ١٠] الجن يؤمنون بأن مريد الشر هو الله - عزّ وجل - ويعرفون أن الخير والشر بيد الله - عزّ وجل -، وهو المدبر، لكن كرِهوا أن يضيفوا الشر إلى الله فقالوا:{أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا}[الجن: ١٠].
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: إثبات الأسباب لقوله: {الَّذِينَ ظَلَمُوا}؛ لأن هذه العقوبة مرتبة على قوم اتصفوا بالظلم، فيكون الظلم سبباً للعقوبة، وهذا من كمال الله - تبارك وتعالى - أن تكون أفعاله لحكمة، وأحكامه الشرعية لحكمة.
الفائدة الثانية: أن الظلم سبب للعقوبة والهلاك؛ لأن الحكم إذا علق على وصف صار ذلك الوصف علة له يزداد الحكم قوة بقوته وينقص بنقصه.
الفائدة الثالثة: أن الله محمود على قطع دابر الظالمين لقوله: {وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
وهو كذلك، فهو، - سبحانه وتعالى - محمود على جلب النعم وعلى دفع النقم، والظالمٍ إذا أهلكه الله فإن ذلك من تمام عدله ورحمته؛ لأنه يكون نكالاً لما بين يديه وما خلفه.