قوله:{فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ}، أي: نزل بهم عقوبة {مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}، أو جزاء ما كانوا به يستهزئون، وإنما عبر الله تعالى عن الجزاء بالفعل للإشارة إلى سببه من وجه، وليعلم أن الجزاء بقدر العمل من وجه آخر، فالعقوبة سببها العمل الذي استحق به العامل أن يعاقب، فأطلق العقوبة على نفس العمل الذي هو السبب، ثانياً: إذا كان الإنسان يجازى بنفس العمل فهذا يعني أن الجزاء والعقوبة بقدر عمله.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: توكيد الجملة بأنواع المؤكدات.
فإذا قال قائل: أليس خبر الله تعالى صدقاً سواء اقترن بالقسم وأدوات التوكيد أو لا؟
فالجواب: بلى، لكن يذكر التأكيد لأسباب، منها:
أولاً: أن القرآن الكريم جاء باللسان العربي، واللسان العربي، يحسن فيه التأكيد إذا اقتضت الحال ذلك، وإلا فمن المعلوم أن الله إذا أخبر بخبر - وإن لم يؤكد - فهو حق وصدق، كما نشاهد الشمسَ، لكن القرآن بلسان عربي مبين.
ثانياً: تأكيد الله له بالقسم يدل على أهميته، وأنه من الأمور التي لا بد أن يقبلها الإنسان ويصدق بها.
ثالثاً: أنه قد يراد به دفع إنكار من أنكر مدلول الخبر، ككون الله - عزّ وجل - يؤكد قيام الساعة بالمؤكدات الكثيرة لرد إنكار المكذبين.