للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[البقرة: ٢٣٩] الآية التي بعدها {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} ما المناسبة؟! المهم أن بعض الآيات لا شك أن المناسبة قد تكون فيها واضحة وبعض الآيات لا تستطيع معرفة المناسبة مما يجعل الإنسان يستسلم استسلاماً كاملاً لترتيب الآيات، وأنها أمر توقيفي وليس عقلياً، وبعض الآيات تكون مقاربة غير واضحة.

قوله: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ}، أي: أضللنا بعضهم ببعض {لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا}، يعني: أن الأغنياء لا يؤمنون - فتنة - لماذا لا يؤمنون؟ يقولون: كيف يسبقنا إلى الإيمان هؤلاء؟ فنحن لن نؤمن، وهذه فتنة قد تقع من الإنسان، وذلك بأن يقول: أي شيء ابتدأه فلان أنا لا أشارك فيه، أو أي شيء عمله فلان لا أعمل فيه، ولهذا قال تعالى: {لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا} (اللام) هنا للعاقبة، وليست للتعليل، المعنى: فتنا بعضهم ببعض فقالوا: {أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا}.

الاستفهام هنا للتحقير، مثل قوله تعالى {وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (٤١)} [الفرقان: ٤١]. قال الله - عزّ وجل - رداً عليهم: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ}، يعني: وقد علم أن هؤلاء يشكرون الله إذا أنعم الله عليهم، وأما أنتم فلا فهو يرد عليهم.

بعضهم فسر (أعلم) بـ (عالم) وهذا خطأ، أكمل من (عالم) لأنها (أعلم) اسم تفضيل عَمِل عَمَلَ الفعل في (مَن)، فهي مفعول به، والغالب كما هو معروف أن تتعدى بـ (الباء)، أو بـ (مِن) و (أعلم) مجرورة بالفتحة؛ لأنها ممنوعة من الصرف للوصفية ووزن أفعل، وإذا قلنا: ووزن الفعل يكون أعم، والمعنى: إن ربك هو يعلم مَن يضل عن سبيله.

<<  <   >  >>