الجواب: لا، بل بقي حيًا إلى الأجل المحتوم له، ونصره الله، فدل هذا على أنه - صلى الله عليه وسلم - حق، وشهادة الله كما سبق في التفسير أنها نوعان: قولية وفعلية، فالقولية كما تقدم في قوله تعالى:{لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ}، والفعلية نصره إياه وتمكينه إياه.
الفائدة الثالثة: أن الله - تبارك وتعالى - حاكم بين النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وخصومه لقوله:{شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ}.
فإن قال قائل: وهل يطلق الشاهد على الحاكم؟
فالجواب: نعم واقرأ قول الله - عزّ وجل - في سورة يوسف: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٧)} [يوسف: ٢٦، ٢٧]، فقوله:{وَشَهِدَ شَاهِدٌ}، يعني: حكم حاكم؛ لأنه لم يشهد إذ إنه يقول:{وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ} الآية. {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ ... } الآية.
ثم نقول: الحاكم في الواقع شاهد من وجوه ثلاثة:
الوجه الأول: أنه يشهد بأن الحكم كذا وكذا.
الوجه الثاني: أنه يشهد على المحكوم عليه بأن الحق عليه.
الوجه الثالث: أنه يشهد للمحكوم له بأن الحق له.
فالحكم متضمن الشهادة بلا شك، فيصح أن يطلق على الحاكم أنه شاهد.
الفائدة الرابعة: أن هذا القرآن موحى إلى الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كله، ليس فيه ولا كلمة ولا حرف غير