أنهم خاسرون؟ إذا جاء الأجل، أما الآن فهم في سكرة لا يدرون، ولهذا لو انتصروا اقتصاديًا، أو عسكريًا، أو فكريًا لظنوا أنهم رابحون، ولكنهم خاسرون.
الفائدة الثانية: وجوب الإيمان بلقاء الله، بدليل ثبوت الخسران لمن كذب به، ومعلوم أنه لا يحل للإنسان أن يوقع نفسه في الخسران.
لو قال قائل: هل من لقاء الله - عز وجل - النظر إليه؟
قلنا: استدل بعض العلماء - رحمهم الله - على النظر إلى الله - عزّ وجل - بهذه الآية، وبقوله:{فَمُلَاقِيهِ}[الانشقاق: ٦]، وقالوا: إن اللقاء لا يكون إلا مواجهة، وعلى هذا فيكون في الآية دليل على ثبوت رؤية الله - عزّ وجل -، وثبوت رؤية الله ثابت بالنص القرآني والنبوي، والإجماع من الصحابة - رضي الله عنهم - وأئمة الهدى من بعدهم، فمن أدلة إثبات النظر إلى الله في القرآن قوله تعالى: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)} [القيامة: ٢٣] فإن قال الخصم إنها على تقدير: إلى ثواب ربها ناظرة، أي: ما في الجنة من النعيم والحور العين، وكل شيء فيقال: لو أراد الله - عزّ وجل - أن يبيِّن أنها تنظر إلى ثواب الله، لقال ذلك، فكون الله - عزّ وجل - يريد ثواب الله ثم يأتي بقوله:{إِلَى رَبِّهَا} هل هذا بيانٌ أو تعمية؟ هذا تعمية على الخلق والله - عزّ وجل - يقول:{يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ}[النساء: ٢٦]، ويقول:{يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا}[النساء: ١٧٦]، ثم ما دليلك على أن تقحم هذه الكلمة في القرآن؟ أنت إذا أجزت هذا، أجزت لمن أراد أن يعبر عن القرآن بالمعنى أن يقول: