للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا قال الله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} [البقرة: ١٧٣]، فهل نقول: إن هذه الآية تدل على أنه لا يمكن أن يأكل الميتة أحد؟

الجواب: لا، بل قد يأكل وقد لا يأكل.

الفرق الثاني: أن الحكم الشرعي سواء كان إيجاباً أو تحريماً لا يكون إلا فيما يرضي الله - عزّ وجل -، إذ لا يمكن أن يأمر الله تعالى عباده بما يكره، ولا أن ينهاهم عما يحبه، أما الحكم الكوني فيكون فيما يحبه ويرضاه، وفيما يكرهه ويسخطه.

والحكمة أيضاً نوعان:

الأولى: حكمة صورية؛ وهي أن يكون الشيء على هذه الصورة المعينة.

والثانية: حكمة غائية؛ وهي أن يكون هذا الشيء لغاية محمودة، فإذا تأملت المخلوقات كلها وجدت أنها في غاية الحكمة، شمس وقمر ونجوم ورياح وأمطار، كلها لحكمة، وإذا نظرت الغاية منها وجدتها غاية حميدة مطابقة للحكمة.

كذلك أيضاً الشرع، فإذا تأملت الشرائع وجدت كون هذا الشيء على صورة معينة حكمة، وكونه لغاية حميدة حكمة، في الزكاة.

مثلاً نجد الزروع ما سقي بمؤنة فيه نصف العشر، وما سقي بلا مؤنة فيه العشر، لماذا اختلف؟

لأن الواقع يقتضي ذلك، فما سقي بمؤنة فقد تعب عليه صاحبه وأنفق مالاً كثيراً في استخراج الماء، أما ما سُقي بلا مؤنة لم يكن على صاحبه مشقة ذلك.

<<  <   >  >>