الفائدة الرابعة: أن من لم يؤمن فقد خسر نفسه لقوله: {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}، وهل خسر أهله؟ نعم، قال الله - عزّ وجل -: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[الزمر: ١٥]، وخسروا أيضًا أعمارهم، مضت في غير فائدة؛ لأن شخصًا مآله نار جهنم والعياذ بالله بعد أن عمِّر في الدنيا ما عمّر، قد خسر وقته وزمنه كما قال الله - عزّ وجل -: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ}[فاطر: ٣٧].
قوله:{وَمَنْ أَظْلَمُ}(مَنْ) اسم استفهام، والمراد به النفي، أي: لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبًا، والنفي إذا جاء بصيغة الاستفهام صار أبلغ؛ لأنه يكون مُشْرَبًا معنى التحدي، كأن المتكلم يقول: بيِّن لي إن كنت صادقًا أحدًا أظلم ممن افترى على الله كذبًا.
والظلم في الأصل النقص، كما قال الله - عزّ وجل -: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا}[الكهف: ٣٣]، أي: لم تنقص، لكنَّه تعدى إلى نقص الإنسان فيما يجب عليه من فعل الأوامر وترك النواهي فإنه نَقَصَ حق نفسه بذلك.
قوله:{افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}، بمعنى: اختلق على الله الكذب؛ لأن الكذب على الله - عزّ وجل - أعظم الكذب؛ فمن قال:(إن لله ولدًا) هذا افترى على الله الكذب، أو قال:(إن لله شريكًا) هذا افترى على الله الكذب، أو قال: (إن هذا الكون لم