تتغير الأجرام السماوية، والذي يغيرها هو الله - عزّ وجل - وهو خالقها، فالله - عزّ وجل - يفعل ما يشاء! فهو انشقاق حسي للقمر المعلوم الحسي، وليس كما قال علماء الفلك وحرفوا من أجله الكتاب والسُّنَّة، وقالوا: إن أخبار الانشقاق أخبار أحادية تحتمل التأويل أو الرد، وأما تحريفهم القرآن فقالوا معنى انشق القمر، أي: بان نور النبوة، وهذا غلط وليس بصحيح.
فإن قال قائل: قريش رأت هذه الآية والله - سبحانه وتعالى - قضي بأن من أوتوا الآية التي يطلبونها ولم يؤمنوا أهلكهم فكيف لم يهلك الله قريشًا؟
الجواب: أن الذين يُهلَكون هم الذين يطلبون آية معينة فإذا أوتوا بها وكفروا بها أهلكهم الله؛ لأنهم بذلك يكونون مُتَحدِّين لله - عزّ وجل -، وأما من يطلب آية عامة وتُعيَّن من قبل الله - عزّ وجل - فهؤلاء لا يهلكون.
ويحتمل وجهًا آخر أن هذا العموم يجوز أن يخصص فيكون الله - سبحانه وتعالى - لم يهلكهم؛ لأن الأمر كما قال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لما جاءه ملك الجبال يقول له: إن شئت أطبقت الأخشبين عليهم - وهما الجبلان العظيمان المحيطان بمكة - ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا، أستأني بهم؛ فلعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئًا"(١) ويكون عدم إهلاك قريش لما يعلمه - جل وعلا - من أن هؤلاء سيكون من أصلابهم المخلصون لله المجاهدون في سبيل الله، وقد وقع هذا بلا شك.
(١) رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة (٣٢٣١)، ومسلم، باب: ما لقي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من أذى المشركين والمنافقين (١٧٩٥).