فإن قلت: كيف نحكم على هذا المبتدع أن الحجة بلغته حقًا أو لا؟
قلنا: المبتدع إذا كابر بعد ما أريناه الآيات فالسيف أمامه ونحكم بكفره في الدنيا ونقتله، وإن كان ما يقوله حقًا من أنه لم تبلغه الدعوة إلا مشوشة فأمره إلى الله - عزّ وجل - لا يجوز أن تقرن أحكام الدنيا بأحكام الآخرة، أحكام الدنيا لها حال وأحكام الآخرة لها حال؛ هذا الرجل الذي قتله أسامة بن زيد يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فمن أحكام الدنيا أن نرفع عنه القتل مع أنه ربما يكون قد قالها تعوذًا ولا ندري، وعلى كل حال فلا شك أن المسألة عويصة، لكن الذي تبيَّن لي هو ما قررته.
لو قال قائل: ما حكم أتباع أهل الضلال من العوام، هل يعذرون بالجهل؟
فالجواب: هذا يختلف فيه الحكم، فإذا كان هؤلاء الأتباع لم يُذكر لهم الرسول - عليه الصلاة والسلام -، ولم يعلموا أنه جاء رسول للخلق، وقادتهم كتموا عنهم هذا فهم معذورون، لكن إذا علموا فلا بد أن يتبعوا.
وليُعلم أن هناك فرقًا بين اليهود والنصارى وغيرهم، فغيرهم لا بد أن تبلغه الحجة ويفهمها، وأما اليهود والنصارى فبمجرد سماع الرسول - عليه الصلاة والسلام - تقوم عليهم الحجة، ولهذا قال الرسول - عليه الصلاة والسلام -: "والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولا