قبلها وتكون كأنك لم تذنب - ولله الحمد -، بل إن الإنسان إذا تاب إلى الله توبةً نصوحاً ربما تكون حاله بعد التوبة أكمل من حاله قبل المعصية.
انظر إلى قول الله - تبارك وتعالى -: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١٢١) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (١٢٢)} [طه: ١٢١ - ١٢٢]، فارتفعت منزلته حين تاب من المعصية، وهذا شيء مشاهد؛ لأن الإنسان إذا بقي مستمراً على حاله في طاعة الله بقي قلبه لا يتحرك، فصار يفعل العبادات وكأنها غريزة، وإذا أذنب خجل من الله - عزّ وجل -، واستحيا من الله وأخبت لله - تبارك وتعالى -، وصار يتذكر هذا الذنب في كل لحظة.
ولهذا قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرَّ على أنفه فقال به هكذا (١) - وأشار بيده فوق أنفه -.
قوله:{وَمَا نُرْسِلُ}(ما): نافية، و (إلا): أداة حصر، و (الإرسال) هو تحميل الغير إبلاغ رسالة ممن أرسله، ولهذا كان القول الراجح في المسألة أن الرسل هم مَنْ أوحي إليهم - بالشرع،
(١) أخرجه البخاري: كتاب الدعوات، باب: التوبة، رقم (٦٣٠٨).