للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} (ثم) حرف عطف يفيد العطف والتراخي، وإن شئت فقل: يفيد الترتيب والتراخي، فيكون معني الآية: (ثم مع ظهور الآيات، ومع ظهور هذا الأمر وهو خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور مع هذا الذين كفروا بربهم يعدلون)، ولا شك أن كفر الكافرين مع ظهور الآيات أشد في اللوم والتوبيخ ممن ليسوا كذلك.

وقوله: {كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ}:

هل الجار والمجرور (بربهم) متعلق بـ (كفروا)، أو متعلق بـ (يعدلون)؟ يحتمل التركيب أن يكون قوله: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}، أي: يعدلون به غيره. ويحتمل أن يكون قوله: {الَّذِينَ كَفَرُوا} منفصل عن قوله: {بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} , ويكون الذين كفروا يعدلون بربهم، أي: يجعلون غير الله معادلًا لله تبارك وتعالى، والأولي أن يكون متعلقًا بـ {يَعْدِلُونَ}؛ لأن هذا هو المعنى المطابق، أما الذين كفروا فمعروف أن المراد كفروا بربهم، وإنما قُدِّمَ على عامله مراعاة لفواصل الآيات؛ لأن الفواصل إذا جاءت متناسقة فإن ذلك يكون ألذ للسمع، وأقبل للنفس، وأتي بـ (ثم) الدالة على التراخي، يعني: أنهم بعد أن تأملوا ونظروا وعلموا كفروا - والعياذ بالله - وعدلوا به غيره، فجعلوا له أندادًا.

من فوائد الآيات الكريمة:

الفائدة الأولى: ثناء الله على نفسه بل حَمْدُ الله تعالى نفسه أَنْ خلق السماوات والأرض، وهذا حمد عند ابتداء الخلق، أي: خلق السماوات والأرض وهناك حمد آخر عند انتهاء الحمد كما

<<  <   >  >>