قوله:{وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}، أي: لا يعلمون أن الله - عزّ وجل - هو الذي ينزل الآيات، وهو قادر على أن يأتي بآية وقادر على أن لا يأتي بآية، فهم جهلة ولو كان عندهم علم، لعلموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن أن يأتي بالآيات، بل الذي يأتي بها هو الله.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: تعنت هؤلاء المكذبين، حيث احتجوا بأن الله لم ينزل عليهم آية، ولكن هل هذه الدعوى حق، أو باطل؟، واللهِ إنها باطل، فآيات النبي - صلى الله عليه وسلم - مشاهدة معلومة، ومن آياته العظيمة هذا القرآن الذي جعل كبار قريش يتسللون لواذًا في الليل ليستمعوا قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنها سحرت ألبابهم، وأعجبتهم إعجابًا كثيرًا، لكنهم معاندون، كذلك آيات كثيرة حسية مثل ما حصل لعمه أبي طالب من البركات في أهله وماله بسبب حضانته للنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، كذلك أيضًا صد أعدائه عنه - عليه الصلاة والسلام - قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (٩)} [يس: ٩]، والآيات كثيرة يعرفونها لكنهم مستكبرون.
الفائدة الثانية: استكبار هؤلاء وترفعهم حيث قالوا: {مِنْ رَبِّهِ}، ولم يقولوا من ربنا، ولم يقولوا من الله، كأنهم في جانب، والرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - والله في جانب آخر.
الفائدة الثالثة: انتصار الله - عزّ وجل - للنبي - صلى الله عليه وسلم -، حيث إنه دافع عنه، لمّا قالوا:{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ} لا شك