وقوله:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ} هم اليهود والنصارى؛ لأنهم آخر أمة كان عندها أصل كتابها، فهم الذين أوتوا الكتاب.
وقوله:{يَعْرِفُونَهُ} يحتمل أن يكون المعنى يعرفون هذا الكتاب، ويحتمل أن يكون المراد يعرفون النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، والثاني أقرب، ويؤيده قوله:{كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ}، فإن الأبناء بشر، والنبي - صلى الله عليه وسلم - من البشر، يعني: أن الذين أوتوا الكتاب وهم اليهود والنصارى يعرفون النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كما يعرف الرجل ابنه، وخص الأبناء؛ لأن تعلق الرجل بالأبناء أكثر من تعلقه بالبنات، فتكون معرفته للأبناء أكثر من معرفته للبنات، هذا وجه، ووجه آخر أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ذَكَرٌ، فهو من الأبناء.
قوله:{الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}{الَّذِينَ} يحتمل أن تكون خبرًا لمبتدأ محذوف، والتقدير: هم الذين خسروا أنفسهم، ويحتمل أن تكون {الَّذِينَ} مبتدأ، وخبره جملة {فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}، والفاء دخلت على جملة الخبر، لمشابهة المبتدأ الشرط في العموم؛ لأن الاسم الموصول يشبه الشرط في العموم، ويكون تقدير الكلام بدون الفاء، الذين خسروا أنفسهم هم لا يؤمنون، ومؤدى الاحتمالين واحد، والمعنى أن الذين خسروا أنفسهم هم الذين لا يؤمنون، أي: الذين اختاروا الخسارة هم الذين لا يؤمنون، ومنهم الذين آتاهم الله الكتاب.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: أن الحجة قائمة على اليهود والنصارى في صحة بعثة النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لقوله:{يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ}.