ولهذا جاءت (لا نكذبَ) بالنصب؛ لأن الواو هنا واو المعية، فالثاني مع الأول، وكذلك (نكون) جاءت بالنصب؛ لأن الواو واو المعية. فهم تمنوا هذا كله، ولكنهم كاذبون فيما قالوا، ولذلك قال الله - عزّ وجل -: {وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}[الأنعام: ٢٨].
وفي قوله:{وَلَا نُكَذِّبَ} قراءتان قراءة بالرفع وقراءة بالنصب، فعلى قراءة النصب تكون الواو واو المعية، يعني: أنهم تمنوا أن يردوا ولا يكذبوا بآيات الله، وعلى قراءة الرفع تكون داخلة في قوله:{يَالَيْتَنَا نُرَدُّ}، أي: مقول القول، والمعنى يقولون:{فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا}، فتكون الواو عاطفة على الجملة السابقة {فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ} وَلَا نُكَذِّبُ {بِآيَاتِ رَبِّنَا} والأول أبلغ، أي: قراءة النصب {وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} عطفًا عليها.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: شدة ندم الكافرين إذا وقفوا على نار جهنم، لكونهم يتمنون أمرًا لا يمكن أن يكون.
الفائدة الثانية: إثبات النار، وهي الدار التي أعدها الله - عزّ وجل - للكافرين، وقد جاء في الكتاب والسُّنَّة من أصناف العذاب، فيها ما هو معلوم لكثير من الناس.
الفائدة الثالثة: إثبات القول للناس بعد البعث، وأن الإنسان بعد البعث يقول ويفعل، كما يقول في الدنيا ويفعل.
الفائدة الرابعة: إقرار هؤلاء بآيات الله - عزّ وجل - لقولهم:{وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا}.