تيمية - رحمه الله - أنها تقبل توبته، ولكنه يُقتل حداً، وعلل ذلك بأن سب النبي عليه الصلاة والسلام لا شك أنه عدوان على شخصه وعلى رسالته، فاعتبارها عدواناً على رسالته نقول: تقبل التوبة منه، وأما باعتبارها عدواناً على شخصه فلا بد أن نثأر لنبينا - صلى الله عليه وسلم -، ونأخذ بالثأر ونقتله، فيتحتم قتل سابّ الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وإن قبلنا توبته.
فإن قيل: ما الفائدة إذا قلنا (تقبل توبته) ويقتل؟
قلنا: الفائدة أنه يقتل مسلماً، يُغَسَّل ويكفن، ويصلى عليه، ويرثه أقاربه المسلمون، ويبقى على حكم الإسلام، بخلاف ما إذا قلنا إنه مرتد فلا يثبت له هذا الحكم.
فإن قال قائل: أليس قد وجد من سب النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في حياته، وتاب وقبل النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - توبته؟
فالجواب: بلى.
أولاً؛ لأن الحق له فإذا عفى عنه فله الحق.
ثانياً: أن رفع القتل عنه ترغيباً له في التوبة.
ثالثاً: أنه إذا تاب فسيكون من أصحاب النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، وقد قال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - حين استأذن في قتل المنافقين:"لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه"(١).
أما بعد موته - عليه الصلاة والسلام - فكل هذه العلل
(١) رواه البخاري كتاب المناقب، باب: ما ينهى من دعوة الجاهلية (٣٥١٨)، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب: نصر الأخ ظالماً، أو مظلوماً (٢٥٨٤).