للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

احتسب أثيب ثواب الشاكرين، فهو خير له، وكم من أناس لو أنهم رزقوا صحة ومالاً وأولاداً لبطروا، وأفسدهم الغنى وكم من أناس بالعكس، فكل شيء يصيب المؤمن - والحمد لله - فهو رحمة وكفارة، حتى لو أن الإنسان فزع من شيء قابله كتب له بذلك أجر، فاللهم لك الحمد - حتى جاء في الحديث لو أن الإنسان فقد شيئاً في جيبه، ثم فزع وخاف أن يكون قد ضاع منه فله أجر (١)، انظر إلى هذا الحد من الرحمة ولله الحمد والشكر.

وما أحسن قول رابعة العدوية: إن حلاوة أجرها أنستني مرارة صبرها (٢)، والآلام والبؤس والتعب والهم والغم في الدنيا كلها تزول، إما أن تزول إلى ضدها، وإما أن تصل بصاحبها إلى الهلاك، لكن الأجر باقٍ.

فإذا قال قائل: ماذا عن الكافر؟

فالجواب أن نقول: إن الكافر هو الذي فوت الرحمة على نفسه، مع أن لله عليه رحمة بما يسره له من الأكل والشرب والنكاح والمسكن وما أشبه ذلك.

* * *


(١) سألت عائشة - رضي الله عنها - النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قوله تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: ١٢٣]، فقال: "يا عائشة! ذلك مثابة اللهِ العبدَ بما يصيبه من الحمى والكِبَر، والبضاعة يضعها في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها في كمه، حتى إن المؤمن ليخرج من ذنوبه، كما يخرج التبر الأحمر من الكير"، أخرجه أحمد برقم (٢٥٣٠٧)، والترمذي: كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة البقرة، رقم (٢٩٩١)، وقال: حسن غريب.
(٢) ذكره في مدارج السالكين (٢/ ١٦٧).

<<  <   >  >>