للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لقد كان الإِمام أحمد يتفرّس في الرجال، وتفكّر يوما في علماء خراسان فقال: أخرجت خراسان ثلاثة: أبو زرعة، ومحمد بن إِسماعيل، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ومحمد عندي أبصرهم وأعلمهم، وأفقههم. (١) وروى عنه ابنه عبد الله قال: سمعت أبي يقول: ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إِسماعيل. (٢) ولذلك كان الإِمام أحمد حريصا على أن يبقي الإِمام البخاري إِلى جانبه، لما يرى من أخلاصه، وسعة علمه، واجتماع القلوب عليه، بل كان يراه أحق الناس بخلافته واكمال مسيرته. قال البخاري: (دخلت بغداد ثماني مرّات، في كلها أجالس أحمد بن حنبل، فقال لي: يا أبا عبد الله، تدع العلم والناس، وتصير إِلى خراسان؟!!. قال البخاري: فأنا أذكر قوله الآن) (٣)

الإِمام أحمد كان يرى أن منزلة بغداد من أقطار الخلافة الاسلامية بمنزلة الرأس من الجسد، وبغداد كانت تملك من عوامل التأثير في أقطار الخلافة ما لا يمكن عكسه. ولم يدرك البخاري ذلك الابعد قوات الأوان، فإنه ترك بغداد وذهب للإِقامة في نيسابور، وبقي فيها خمس سنين، ثم وقعت الفتنة التي أدّت إِلى خروجه من نيسابور، فتذكر يومها قول الإِمام أحمد حتى قال البخاري: (فأنا أذكر قوله الآن).

ولعل هدف البخاري كان نشر العلم في تلك الأقطار، إذ أن بغداد قد كُفِيتْ ذلك بمثل الإِمام أحمد رحمه الله.

* * *


(١) تأريخ بغداد: ٢/ ٢٨.
(٢) المرجع السابق: ٢/ ٢١.
(٣) تأريخ بغداد: ٢/ ٢٢ - ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>