للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقف، فقال: لا أقول مخلوق ولا غير مخلوق، فقد ضاهي الكفر، ومن زعم أن لفظي بالقرآن مخلوق، فهذا مبتدع، لا يجالس ولا يكلم (١)

ومع أن البخاري أخذ علي نفسه عدم الكلام في "مسألة اللفظ" إلا أنه لا يعني أنه لا رأي له في هذه المسألة، لكنه لا يريد أن يتكلم به لأن الضرر الحاصل منها أكثر من النفع، وهو إِمام له من الفقه ما يوازن به بين المصالح والمفاسد حتى في الفتاوى ونشرها بين الناس.

وعندما توجه البخاري إِلي نيسابور ليقيم فيها في أواخر عمره -لأنها كانت المدينة التي تضاهي بغداد في العلم والعلماء- فرح به أهلها فرحًا شديدًا، وخاصة العلماء منهم.

ويبدو أن إِمام نيسابور وهو محمد بن يحيى الذهلي كان يعرف رأي البخاري في "مسألة اللفظ" فنهى تلاميذه وأصحابه عن سؤال البخاري عن رأيه في هذه المسألة وغيرها من مسائل الكلام حتي لا يفقدوه.

قال أبو سعيد حاتم بن أحمد الكندي: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: لما قدم محمد بن إِسماعيل نيسابور ما رأيت واليا ولا عالمًا فعل به أهل نيسابور ما فعلوا به، استقبلوه مرحلتين وثلاثة. فقال محمد بن يحيى في مجلسه: من أراد أن يستقبل محمد ابن إِسماعيل غدًا فليستقبله. فاستقبله محمد ابن يحيي وعامة العلماء، فنزل دار البخاريين، فقال لنا محمد بن يحيي: لا تسألوه عن شئ من الكلام، فانه إِن أجاب بخلاف ما نحن فيه، وقع بيننا وبينه، ثم شَمت بنا كل حروري، وكل رافضي، وكل جهمي، وكل مرجئ بخراسان (٢).

وبعد أن استقر "البخاري" في "نيسابور" كان الذهلي يحث أصحابه


(١) سير النبلاء: ١٢/ ٤٥٦، وهذه عبارة محمد بن يحيي الذهلي.
(٢) السير: ١٢/ ٤٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>