للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: المراد به الحجّ لقوله: {بَعْدَ عَامِهِمْ هذا} [التوبة: ٢٨] لأن الحجّ إما يفعل في السنة مرة واحدة.

فالجواب من وجوه:

أحدها: أنه ترك للظَّاهر من غير موجب.

الثَّاني: ثبت في أصول الفقه أن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بكون ذلك الوصف علّة لذلك الحكم، وهذا يقتضي أن المانع من قربهم من المسجد الحرام نَجَاستهم، [وذلك يقتضي أنهم ما داموا مشركين كانوا ممنوعين عن المسجد الحرام] .

الثالث: أنه تعالى لو أراد الحج لذكر البقاع ما يقع فيه معظم أركان الحج هو «عرفة» .

الرابع: الدَّليل على أن المراد دخول الحرم لا الحج فقط قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ الله مِن فَضْلِهِ} [التوبة: ٢٨] فأراد به الدخول للتجارة.

منها قوله تعالى: {أولئك مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَآ إِلَاّ خَآئِفِينَ} وهذا يقتضي أن يمنعوا من دخول المساجد، وأنهم متى دخلوا كانوا خائفين من الإخراج إلَاّ ما قام عليه الدليل.

فإن قيل: هذه الآية مخصوصة بمن خرب «ببيت المقدس» ، أو بمن منع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من العِبَادَةِ في الكعبة.

وأيضاً يحتمل أن يكون خوف الجزية والإخراج.

فالجواب عن الأول: أن الآية ظاهرة في العموم فتخصيصه ببعض الصور خلاف الظاهر، وعن الثاني أن الآية تدل على أن الخوف إنما يحصل من الدخولن وعلى ما يقولونه لا يكون الخوف متولداً من الدخول، بل من شيء آخر.

ومنها [أن الحرم واجب التعظيم والتكريم والتشريف والتفخيم، وأن صونه عمّا يوجب تحقيره واجبٌ، وتميكن الكُفَّار من الدخول فيه تفويض له بالتحقير؛ لأنهم لفسادهم ربما استخفُّوا به، وأقدموا على تلويه وتنجسه.

ومنها أنه تعالى] أمر بتطهير البيت في قوله: {طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [البقرة: ١٢٥] والمشرك نجس لقوله تعالى: {إِنَّمَا المشركون نَجَسٌ} [التوبة: ٢٨] .

والتطهير على النجس واجب، فيكون تعبيد الكافر عنه واجباً، وبأنا أجمعنا على أن الجُنب يمنع منه، فالكافر بأن يمنع منه أولى.

واحتج أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ بأنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ لماتقدم عليه وفد «

<<  <  ج: ص:  >  >>