للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {وَإِذَآ أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً} أي الخِصْب وكَثْرة المطر «فَرِحُوا بِهَا» يعني فرح البطر لما بين حال الشرك الظاهر شركه، بين حال الشرك الذي دونه وهو من تكون عبادته للدنيا، فإذا أعطاه رَضِيَ، وإِذا منه سَخِطَ وقَنَطَ، ولا ينبغي أن يكون كذلك بل ينبغي أن يعبد الله في الشدة وزالرخاء.

فإن قيل: الفرح بالرحمة مأمور به قال: {قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ} [يونس: ٥٨] وهَهُنَا ذمهم على الفرح بالرحمة.

فالجواب: هناك قال افْرَحُوا برحمة الله من حيث إنها مضافة إلى الله، وهَهُنَا فرحوا بنفس الرحمة حتى لو كان المطر من غير الله لكان فرحهم به مِثْلَ فرحهم إذا كان مِنَ الله.

قوله: {وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} أي الجَدْبُ وقلَّةُ المَطَر، وقيل: الخوف والبَلَاء {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} من السيئات {إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} يَيأَسُوا من رحمة الله، وهذا خلاف وصف المؤمنين فإنهم يشركونه عند النعمة، ويرجُونَه عند الشدةِ.

قوله: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ الله يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ} ألم يعلموا أن الكل من الله فالمحق ينبغي أن لا يكون نظره إلى ما يُوجَد بل إِلى من يُوجد وهو الله، فلا يكون له تبدل حال وإنما يكون عنده الفرح الدائم ولذلك قال: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>