قوله:{الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً} فيه خمسة أوجه:
أحدها: أن هذا الموصول في محل رفع بالابتداء وخبره الجملة التشبيهية بعده.
قال الزمخشري:«وفي هذا الابتداء معنى الاختصاص، كأنه قيل: الذين كذبوا شعيباً هم المخصوصون بأن أهْلِكوا واستُؤصلوا كأن لم يُقيموا في دارهم؛ لأن الذين اتبعوا شعيباً قد أنجاهم الله تعالى» .
قال شهاب الدين:«قوله:» يفيد الاختصاص «هو معنى قول الأصوليين:» يفيد الحصر «على خلاف بينهم في ذلك إذا قلت: زيد العالمن والخلاف في قولك: العالم زيد أشهرُ منه فيما تقدَّم فيه المبتدأ» .
الثاني: أن الخبر هو نفس الموصول الثاني وخبره، فإن الموصول الثاني مبتدأ والجملةُ من قوله:{كانوا هم الخاسرين} في محل رفع خبراً له، وهو وخبره خبر الأول، و {كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ} : إمَّا اعتراض، وإمَّا حال من فاعل «كذَّبوا» .
الثالث: أن يكون الموصولُ الثاني خبراً بعد خبر عن الموصول الأول، والخبر الأول الجملة التشبيهية.
الرابع: أن يكون الموصول الثاني بدلاً من قوله: {وَقَالَ الملأ الذين كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ}[الأعراف: ٩٠] فكأنه قال: «وقال الذين كفروا منهم الذين كذّبوا شعيباً» وقوله: {لئن اتبعتم شعيباً} معمول للقول فليس بأجنبي.
الخامس: أنه صفة له، أي: للذين كفروا من قومه.
هذه عبارة عن أبي البقاء، وتابعه أبو حيان عليها، والأحسن أن يقال: بدلٌ من الملأ أو نعت له؛ لأنه هو المحدَّثُ عنه والموصول صفة له، والجملة التشبيهية على هذين الوجهين حال من فاعل «كذَّبوا» .
وأمّا الموصول الثاني فقد تقدم أنه يجوز أن يكون خبراً باعتبارين: أعني كونه أول أو ثانياً، ويجوز أن يكون بدلاً من فاعل «يغنوا» أو منصوباً بإضمار «أعني» أو مبتدأ وما بعده الخبر. وهذا هو الظاهر لتكون كل جملة مستقلة بنفسها، وعلى هذا الوجه ذكر الزمخشري أيضاً أن الابتداء يفيد الاختصاص قال:«أي هم المخصوصون بالخسران العظيم دون أتباعه، وقد تقدَّم موضحاً» .