أحدها: أنه الاستقرار الذي تضمنه «لَهُمْ» والتقدير: وأولئك استقر لهم عذاب يوم تبيضُّ وجوه.
وقيل: إن العامل فيه مضمر، تدل عليه الجملة السابقة، والتقدير: يُعَذَّبُونَ يوم تبيض وجوه.
وقيل: اعاملَ فيه «عَظِيمٌ» وضُعِّفَ هذا بأنه يلزم تقييد عِظَمِهِ بهذا اليوم.
وهذا التضعيف ضعيف؛ لأنه إذا عظم في هذا اليوم ففي غيره أوْلَى.
قال شهابُ الدين:«وهذا غير لازم» ، قال:«وأيضاً فإنه مسكوت عنه فيما عدا هذا اليوم» .
وقيل: إن العامل «عَذَابٌ» . وهذا ممتنع؛ لأن المصدر الموصوف لا يعمل بعد وصفه.
وقيل: إنه منصوب بإضمار «اذكر» .
وقرأ يحيى بن وثاب، وأبو نُهَيك، وأبو رُزَيْن العقيليّ:«تِبْيَضُّ» و «تِسْوَدُّ» - بكسر التاء - وهي لغة تميم.
وقرأ الحسن والزهري وابن مُحَيْصِن، وأبُو الجَوْزَاءِ: تِبياضّ وتسوادّ - بألف فيهما - وهي أبلغ؛ فإن البياض أدلُّ على اتصاف الشيء بالبياض من ابيضَّ، ويجوز كسر حرف المضارعة - أيضاً - مع الألف، إلا أنه لم ينقل قراءةً لأحدٍ.
فصل
نظير هذه الآية قوله تعالى:{وَيَوْمَ القيامة تَرَى الذين كَذَبُواْ عَلَى الله وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ}[الزمر: ٦٠] ، وقوله:{وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ}[يونس: ٢٦] ، وقوله:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ}[القيامة: ٢٢ - ٢٥] ، وإذا عرفت هذا، ففي هذا البياض والسواد وجهان: