نزلت في مهجع، وبلال، وصهيب، وسالم، وخبَّاب، وكانوا يسألون النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في الأحايين ما يحتاجون إليه، ولا يجد، فيعرض عنهم حياء منهم، ويمسك ن القول، فنزلت:{وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ} أي: وإن أعرضت عنهم عن هؤلاء الذين أمرتك أن تؤتيهم {ابتغآء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا} انتظار رزق من الله ترجوه، أي: يأتيك {فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً} ليِّناً، وهو العدةُ، أي: عدهم وعداً جميلاً.
قوله تعالى:{ابتغآء رَحْمَةٍ} : يجوز أن يكون مفعولاً من أجله، ناصبه «تُعرضنَّ» وهو من وضع المسبَّب موضع السبب، وذلك أنَّ الأصل: وإمَّا تعرضنَّ عنهم لإعسارك، وجعله الزمخشريُّ منصوباً بجواب الشرط، أي: فقل لهم قولاً سهلاً؛ ابتغاء رحمة، وردَّ عليه أبو حيَّان: بأنَّ ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها؛ نحو:«إن يقُم زيدٌ عمراً فاضْرِبْ» فإن حذفت الفاء جاز عند سيبويه والكسائيِّ؛ نحو:«إنْ يقُمْ زيدٌ عمراُ يَضْرِبْ» فإن كان الاسمُ مرفوعاً؛ نحو «إنْ تَقُمْ زيدٌ يَقُمْ» جاز ذلك عند سيبويه على أنَّه مرفوع بفعلٍ مقدَّرٍ يفسِّره الظاهر بعده، أي: إن تقم، يَقُم زيدٌ يَقُمْ. ومنع من ذلك الفراء وشيخه.
وفي الردِّ نظر؛ لأنَّه قد ثبت ذلك؛ لقوله تعالى:{فَأَمَّا اليتيم فَلَا تَقْهَرْ}[الضحى: ٩]