قوله « {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تنسى} ، قال الواحدي:» سَنُقْرِئُكَ «: أي: سنجعلك قارئاً، أي: نؤهلك للقراءة فلا تنسى ما تقرأه، أي: نجعلك قارئاً للقرآن فتحفظه، فهو نفي، أخبر الله - تعالى - أن نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لا ينسى.
وقيل: نهي والألف للإشباع [وقد تقدم نحو من هذا في سورة يوسف وطه] .
ومنع مكيٌّ أن يكون نهياً؛ لأنه لا ينهى عما ليس باختياره، وهذا غير لازم، إذ المعنى: النهي عن تعاطي أسباب النسيان، وهو الشائع: وقيل: هذا بشري من الله تعالى، بشره تعالى بأن جبريل - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - لا يفرغ من آخر الوحي، حين يتكلم هو بأوله لمخافة النسيان، فنزلت هذه الآية؛ فلا تنسى بعد ذلك شيئاً.
قوله:{إِلَاّ مَا شَآءَ الله} فيه أوجه:
أحدها: أنه مفرَّغ، أي: إلا ما شاء الله أن ينسيكه، فإنك تنساه، والمراد رفع تلاوته، وفي الحديث:» أنَّهُ كَانَ يُصبحُ فِيَنْسَى الآيَاتِ «، لقوله تعالى:{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا}[البقرة: ١٠٦] .
وقيل: إن المعنى بذلك النُّدْرة والقلَّة.
قال ابن الخطيب: يشترط أن لا يكون ذلك القليل من الواجبات بل من الآداب والسنن، فإنَّه لو نسي من الواجبات، فلم يتذكره أدى ذلك إلى الخلل في الشرع، وهو غير جائز، كما ورد أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أسقط آية في صلاته، فحسب أبيٌّ أنها نُسختْ، فسأله، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: نَسِيتُها.
وقال الزمخشريُّ: والغرض نفي النسيان رأساً، كما يقول الرجل لصاحبه: أنت