أحدهما: وهو اختيار القفال أن هذا اللفظ وإن كان للمستقبل ظاهراً، لكنه قد يستعمل في الماضي أيضاً كالرجل يعمل عملاً، فيطعن فيه بعض أعدائه، فيقول: أنا أعلم أنهم [سيطعنون عليَّ فيما فعلت، ومجاز هذا أن يكون القول فيما يكرر ويعاد] ، فإذا ذكروه مَرَّة، فسيذكرونه بعد ذلك مرات، فصحّ على هذا التأويل أن يقال: سيقول السُّفهاء من الناس ذلك، وقد وردت الأخبار أنهم لما قالوا ذلك [نزلت الآية] .
[قال القرطبي:«سيقول» بمعنى: قال؛ جعل المستقبل موضع الماضي، دلالة على استدامة ذلك] وأنهم يستمرون على ذلك القول.
و «السفهاء» جمع، واحده سفيه، وهو الخفيف العقل، من قولهم: ثوب سفيه إذا كان خفيف النسج وقد تقدم.
والنساء سفائه. وقال المؤرج: السَّفيه: البهات الكاذب المتعمد خلاف ما يعلم.
وقال قُطْرب: الظلوم الجهول.
القول الثاني: أن الله تعالى أخبر عنهم قبل أن ذكروا هذا الكلام أنهم سيذكرونه وفيه فوائد.
أحدها: أنه - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - إذا أخبر عن ذلك قبل وقوعه، كان هذا إخباراً عن الغيب فيكون معجزاً.
وثانيها: أنه - تعالى - إذا أخبر عن ذلك أولاً، ثم سمعه منهم، فإنه يكون تأذيه من هذا الكلام أقلّ مما إذا سمعه فيهم أولاً.
وثالثها: أن الله - تعالى - إذا أسمعه ذلك أولاً، ثم ذكر جوابه معه، فحين يسمعه النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - منهم يكون الجواب حاضراً، كان ذلك أولى مما إذا سمعه ولا يكون الجواب حاضراً.