قوله:{وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً} لما بين أنهم عند توقف الخير يكونون مُنِيبِينَ آيِسِينَ، وعند ظهوره يكونون مستبشرين بين أن تلك الحالة أيضاً لا يدومون عليها بل لو أصاب زرعهم ريحٌ مفسِد لكفروا فهم متقلبون غير تأمِّين نظرهم إلى الحالة لا إلى المآلِ.
فصل
سمى النافعة رياحاً، والضارة ريحاً لوجوه:
أحدها: أن النافعة كثيرة ألنواع كبيرة الأفراد، فجمعها لأن في كل يوم وليلة (تَهُبُّ) نفحات من الرياح النافعة، (و) لا تهب الريح الضارة في أعوام بل الضارة لا تهب في الدهور.
الثاني: أن النافعة لا تكون إلا رياحاً وأما الضارة فنفحة واحدة تقتل كريح السَّمُوم.
الثالث: جاء في الحديث «أن ريحاً هَبَّتْ فقال عليه (الصلاة و) السلام:» اللَّهم اجْعلها رِيَاحاً وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحاً «إشارة إلى قوله تعالى: {يُرْسِلُ الرياح بُشْرىً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}[الأعراف: ٥٧] وقوله: {يُرْسِلَ الرياح مُبَشِّرَاتٍ}[الروم: ٤٦] وإشارة إلى قوله تعالى: ف {أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الريح العقيم}[الذاريات: ٤١] وقوله: {رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ تَنزِعُ الناس}[القمر: ١٩، ٢٠] .
فصل
معنى الآية ولئن أرسلنا ريحاً أي مُضرّة أفسدت الرزعَ فرأوه مصفراً بعد الخُضْرَة لظلّوا لصاروا من بعد اصفرار الزرع يكفرون يجحدون ما سلف من النعمة يعني أنهم يفرحون عند الخَصْب، ولو أرسلت عذاباً على زرعهم (جحدوا) سالِفَ نعمتي.
قوله:» فَرَأَوْهُ «أي فرأوا النبات لدلالة السياق عليه أو على الأثر، لأن الرحمة هي