قال القفال [رَحِمَهُ اللهُ:] هذا متعلق بقوله تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة}[البقرة: ٤٥] فإنما نبلوكم بالخَوْفِ وبكذا، وفيه مسائِلُ.
فإن قيل: إنه تعالى قال: {واشكروا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ}[البقرة: ١٥٢] والشكرُ يوجب المزيدّ، لقوله:{لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}[إبراهيم: ٧] فكيف أردَفهُ بقوله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الخوف} ؟ .
[قال ابن الخطيب] : والجواب من وَجْهَيْنِ:
الأولُ: أنه - تعالى - أخبر أَنَّ إكمَالَ الشرائعِ إتمامُ النعمةِ، فكأنه كذلك موجباً للشُّكْرِ، ثم أَخبر أن القيامَ بتلك الشرائع لا يُمْكِن إِلا بتحمّل المِحَن، فلا جَرَمَ أمر فيها بالصَّبْر.
الثاني: أنه - تبارك وتعالى - أَنْعَم أولاً فأَمَر بالشكْر، ثم ابْتَلَى وأمر بالصَّبْرِ، لينال [الرجل] درجةَ الشاكرين وَالصَّابِرينَ مَعاً، فيكمل إيمانُهُ على ما قال عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ:«الإِيْمَانُ نِصْفَانِ نِصْفٌ صَبْرٌ، وَنِصْفٌ شُكْرٌ»