للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى {فَبَعَثَ الله غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأرض لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي [سَوْءَةَ أَخِيهِ] } .

هذه «اللامُ» يجوز فيها وجهان:

أحدهما: أنَّها متعلِّقة ب «يبحث» ، أي: يَنْبُشُ ويُثِيرُ التُّراب للإراءة.

الثاني: أنها متعلِّقة ب «بَعَثَ» ، والمعنى: لِيُريَه الله، أو ليريه الغراب، و «كَيْفَ» معمُولة ل «يُوارِي» ، وجملة الاستفهام معلقة للرُّؤْية البَصَرية، فهي في محلِّ المَفْعُول الثَّانِي سادةٌ مسدَّه؛ لأن «رأى» البصرية قبل تعدِّيها بالهَمْزة مُتَعَدِّية لواحد، فاكتسبت بالهمزة آخر، وتقدَّم نَظِيرُها في قوله تعالى: {أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الموتى} [البقرة: ٢٦٠] ومعنى: «يَبْحَثُ» أي: يُفَتِّش في التُّرَاب بمنقارِه ويثيره، ومنه سُمِّيت سورة «بَراءَة» البحوث؛ لأنها فَتَّشَت على المُنَافقين، والسَّوْءَةُ المراد بها: ما لا يجُوز أن يَنْكَشِفَ من جَسَده، وهي الفضيحة أيضاً، قال: [الخفيف]

١٩٥١ - ... ... ... ... ... ... ... ... ..... يَا لَقَوْمِي لِلسَّوْءَة السَّوآءِ

ويجوز تخفيفها بإلقاء حَرَكَة الهَمْزة على الواو، وهي قراءة الزُّهري، وحينئذٍ لا يجوزُ قَلْبُ هذه الواو ألِفاً، وإن صدق عليها أنَّها حرْف علّةٍ متحرك مُنْفَتِحٌ ما قبله؛ لأنَّ حركتها عَارِضة، ومثلُها «جَيَل» و «توم» مُخَفَّفَيْ «جَيْألَ» و «تَوْءَم» ، ويجوزُ أيضاً قلبُ هذه الهمزة واواً، وإدغامُ ما قبلها فيها تَشبيهاً للأصلي بالزَّائِد [وهي لُغة] يَقُولون في «شَيْء» و «ضَوْء» : شَيّ وضوّ، قال الشَّاعر: [البسيط]

<<  <  ج: ص:  >  >>