قوله تعالى:{فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يا أيها العزيز} الآية اتفق المفسِّرون على أنَّ هنا محذوفاً، وتقديره: فخرجوا راجعين إلى مصر، ودخلوا على يوسف، فقالوا: يا أيُّها العزيزُ.
فإن قيل: إذا كان يقعوب أمرهم أن يتحسسوا من يوسف وأخيه، فلم عادوا إلى الشكوى؟ .
فالجواب: أنَّ المتحسِّسَ يصل إلى مطلوبه بجميع الطُّرقِ، والاعترافِ باِلعجز، وضموا رقَّة الحال، وقلَّة المال، وشدَّة الحاجة، وذلك ممَّا يرقِّقٌ القلب، فقالوا: نُجرِّبهُ في هذه الأمورِ، فإن قلبه لنا ذكرنا له المقصود، وإلا سكتنا، فلهذا قدَّموا ذكر فقالوا:«أيُّها العزيزُ» والعزيزُ: الملكُ القادرُ الممتنع: «مسَّنَا وأهْلنَا الضُرُّ» وهو الفقر، والحاجة، وكثرة العيال وقلَّة الطَّعام، وعنوا بأهلهم من خلفهم.
قوله:«مُزجَاةٍ» أي مدفوعة يدفعها كلُّ أحدٍ عنه لزهادته فيها، ومنه:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُزْجِي سَحَاباً}[النور: ٤٣] أي: يسوقها بالريح؛ وقال حاتم [الطويل]