قوله:{وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَابَ النار إِلَاّ مَلَائِكَةً} .
روي أن أبا جهل لما نزل قول الله تعالى:{عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ}[المدثر: ٣٠] قال: أيعجز كل مائة ان يبطشوا بواحدٍ منهم ثم يخرجون من النار؛ فنزل قوله عَزَّ وَجَلَّ:{وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَابَ النار إِلَاّ مَلَائِكَةً} أي: لم نجعلهم رجالاً فتغالبوهم.
وقيل: جعلهم ملائكة لأنهم خلاف المعذبين من الجن والإنس، فلا تأخذهم مآخذ المجانس من الرقة والرأفة، ولا يستريحون إليهم، ولأنهم أشد الخلق بأساً، وأقواهم بطشاً، ولذلك جعل - تعالى - الرسول إلى البشر من جنسهم ليكون رأفة ورحمة بنا.
وقيل: لأنَّ قوتهم أعظم من قوة الإنس والجن.
فإن قيل: ثبت في الأخبار أنَّ الملائكة مخلوقون من النور، والمخلوق من النور كيف يطيق المكث في النار؟ .
فالجواب: أن الله - تعالى - قادر على كل الممكنات، فكما أنه لا استبعاد في [إبقاء الحي في مثل ذلك العذاب أبد الآباد ولا يموت، فكذا لا استبعاد] في بقاء الملائكة هناك من غير ألم.