قوله تعالى:{وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ} الآية. اعلم أن هذه الآية مقررة لما سبقها من آيات التوحيد. وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم» نُوحِي «بالنون وكسر الحاء على التعظيم لقوله»«أَرْسَلْنَا» وقرأ الآخرون بالياء وفتح الحاء على الفعل المجهول.
قوله
: {وَقَالُواْ
اتخذ
الرحمن
وَلَداً} الآية.
لما بيَّن بالدلائل القاهرة كونه منزهاً عن الشريك والضد والند أردف ذلك ببراءته عن اتخاذ الولد.
قال المفسرون: نزلت في خزاعة حيث قالوا: الملائكة بنات الله، وقالوا: إنه تعالى صاهر الجن على ما حكى الله تعالى عنهم فقال: {وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً}[الصافات: ١٥٨] . ثم إنه تعالى نزه نفسه عن ذلك بقوله:«سبحانه» ، لأن الولد لا بد وأن يكون شبيهاً بالوالد، فلو كان لله ما يشبهه من بعض الوجوه فلا بد وأن يخالفه من وجه آخر، وما به المشاركة غير ما به الممايزة فيقع التركيب في ذات الله تعالى، وكل مركب ممكن، فاتخذاه للولد يدل على كونه ممكناً غير واجب، وذلك يخرجه عن حد الإلهية ويدخله في حد العبودية، فلذلك نزه نفسه. قوله:«بَلْ عِبَادٌ»«عِبَاد» خبر مبتدأ مضمر، أي هم عباد، و «مُكْرَمُونَ» في قراءة العامة مخفف، وقراءة عكرمة مشدد و «لا يَسْبِقُونَهُ» جملة في محل رفع صفة ل «عباد» والعامة على كسر الباء في «يَسْبِقُونَهُ» وقرئ بضمها وخرجت على أنه مضارع سَبَقَهُ، أي: غلبه في السبق، يقال: سابقه فَسَبَقَه يَسْبُقُه أي: غلبه في السبق، ومضارع فعل في المغالبة مضموم العين مطلقاً إلا في يائيّ العين أو لامه والمراد لا يسبقونه بقوله، فعوض الألف واللام عن