لما بيَّن حال المؤمن أنه في الدنيا يكون في النور، وبسببه يكون متمسكاً بالعمل الصالح ثم بين أنه يكون في الآخرة فائزاً بالنعيم المقيم والثواب العظيم، أتبع ذلك ببيان أن الكافر يكون في الآخرة في أشد الخسران، وفي الدنيا في أعظم أنواع الظلمات، وضرب لكل واحد منهما مثلاً، أما المثل الدال على حسرته في الآخرة فقوله:{والذين كفروا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} .
قال الأزهري:«السَّرَابُ: ما يتراءى للعين وقت الضحى في الفلوات شبيهاً بالماء الجاري وليس بماء، ولكن الذي ينظر إليه من بعيد يظنه ماء جارياً، يقال: سَرَبَ الماءُ يَسْرُبُ سُرُوباً: إذَا جرى، فهو سَارِبٌ» . وقيل: السَّرَابُ: مَا يَتَرَاءَى للإنْسَانِ في القَفْرِ في شِدَّةِ الحَرِّ مِمَّا يُشْبهُ المَاءَ. وقيل: مَا يَتَكَاثَفُ مِنْ قُعُورِ القيعَانِ. قال الشاعر:
يضرب به المَثَلُ لمن يَظُنُّ بشيءٍ خيراً فَيُخْلَفُ ظَنُّهُ. وقيل: هو الشُّعَاعُ الذي يُرَى نِصْفَ النَّهَارِ في شدة الحَرِّ في البراري، يُخَيَّلُ للناظر أنه الماء السَّارِبُ، أي: الجاري، فإذا قرب منه لم ير شيئاً. والآل: ما ارتفع من الأرض وهو شعاع يرى بين السماء والأرض بالغدوات شبه المَلَاة يرفع الشخوص، يرى فيها الصغير كبيراً، والقصير طويلاً.