قرأ الجمهور «يحسبن» بالغيبة، وحمزة بالخطاب، وحكى الزّجّاج عن خلق كثير كقراءة حمزة إلا أنهم كسروا «أنما» ونصبوا «خير» وأنكرها ابن مجاهدٍ - وسيأتي إيضاح ذلك - وقرأ يحيى بن وثاب بالغيبة وكسر «إنما» . وحكى عنه الزمخشري - أيضاً - أنه قرأ بكسر «أنما» الأولى وفتح الثانية مع الغيبة، فهذه خَمْسُ قراءاتٍ.
فأما قراءة الجمهور، فتخريجها واضح، وهو أنه يجوز أن يكون الفعل مسنداً إلى «الذين» و «أن» وما اتصل بها سادَّة مسد المفعولين - عند سيبويه - أو مسدَّ أحدهما، والآخر محذوف عند الأخفش - ويجوز أن يكون مسنداً إلى ضمير غائب، يراد به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أي لا يحسبن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. فعلى هذا أن يكون «الذين كفروا» مفعولاً أول، وأما الثاني فسيأتي الكلام عليه في قراءة حمزة، لتتحد هذه القراءة - على هذا الوجه - مع قراءة حمزة رَحِمَهُ اللَّهُ، وسيأتي تخريجها.