قوله تعالى:{أَرَأَيْتَكَ} : قد تقدم مستوفى في الأنعام [الآية: ٤٠] . وقال الزمخشريُّ:«الكافُ للخطاب، و» هذا «مفعولٌ به، والمعنى: أخبرني عن هذا الذي كرَّمته عليَّ، أي: فضَّلته، لِمَ كرَّمتهُ، وأنا خيرٌ منه؟ فاختصر الكلام» . وهذا قريبٌ من كلام الحوفيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
قال ابن عطيَّة:«والكاف في» أرَايْتَكَ «حرف خطابٍ، لا موضع لها من الإعراب، ومعنى» أرَأيْت «أتأمَّلت ونحوه، كأنَّ المخاطب يُنبِّه المخاطب؛ ليستجمع لما ينصُّ عليه بعد. وقال سيبويه:» هي بمعنى أخبرني «، ومثل بقوله:» أرَأيْتكَ زيداً، أبو من هُوَ؟ «وقول سيبويه صحيحٌ؛ حيث يكون بعدها استفهام كمثاله، وأمَّا في الآية فهو كما قلت، وليست التي ذكر سيبويه» قلت: وهذا الذي ذكره ليس بمسلَّم، بل الآية كمثاله، غاية ما في الباب: أنَّ المفعول الثاني محذوفٌ، وهو الجملة الاستفهامية المقدَّرة؛ لانعقادِ الكلام من مبتدأ وخبر، لو قلت: هذا الذي كرَّمته عليَّ، لم كرَّمته؟ .
وقال الفرَّاء:«الكاف في محلِّ نصبٍ، أي: أرَأيْتَ نفسك؛ كقولك: أتدبَّرْتَ آخِرَ أمرك، فإني صانعٌ فيه كذا، ثم ابتدأ: هذا الذي كرَّمت عليَّ» .
وقال ابن الخطيب: يمكن أن يقال: «هذا» مبتدأ محذوف عنه حرفُ الاستفهام، و «الَّذي» مع صلته خبره، تقديره: أخبرني، أهذا الذي كرَّمتهُ عليَّ؛ وهذا على وجه الاستصغار، والاستحقار، وإنَّما حذف حرف الاستفهام؛ لأنَّه حصل في قوله:«أرَأيْتكَ» . فأغنى عن تكريره.
وقال أبو البقاء:«والمفعول الثاني محذوفٌ، تقديره: تفضيله أو تكريمه» . قال شهاب الدين: وهذا لا يجوز؛ لنَّ المفعول الثاني في هذا الباب لا يكون إلا جملة مشتملة على استفهام.
قال أبو حيَّان: «ولو ذهب ذاهبٌ غلى أنَّ الجملة القسميَّة هي المفعول الثاني، لكان