وهذا دَلِيلٌ أيضاً على فَسَادِ قول النَّصارَى وذلك من وُجُوهٍ:
الأوَّلُ: أنَّ اليَهُود كانوا يعادُونَ عيسى - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -، ويَقْصُدُونَهُ بالسُّوءِ، فما قَدرَ على إضْرَارِهِمْ، وكان له أيضاً أنْصَارٌ وصَحَابَةٌ يُحِبُّونَهُ، فما قَدَرَ على إيصَالِ نَفْعٍ من منَافِعِ الدُّنْيَا إليْهِمْ، والعاجِزُ عن الإضْرار والنَّفْعِ كَيْفَ يُعْقَلُ أن يكُون إلهاً؟ {
الثاني: أن مذْهَبَ النَّصَارى - لعنهم اللَّهُ -: أنَّ اليهود صَلَبُوه ومَزَّقُوا أضْلَاعَهُ، ولما عَطِشَ وطلبَ الماءَ مِنْهُم صبُّوا الخَلَّ فِي مَنخريْهِ، ومن كان في الضَّعْفِ هكذَا، كَيْفَ يُعْقَل أن يكُون إلهاً؟}
الثالث: أنَّ إلهَ العالم يَجِبُ أنْ يكُون غَنِيًّا عن كل ما سواهُ مُحْتَاجاً إليه، فلو كان عيسَى كذلك لامْتَنَعَ كَوْنُهُ مَشْغُولاً بعبادة الله تعالى؛ لأنَّ الإله لا يَعْبُدُ شَيْئاً، إنَّمَا العبد هو الذي يَعْبُدُ الإله، فلما عُرِفَ بالتَّوَاتُرِ أنَّهُ كانَ مُوَاظِباً على الطَّاعَات والعبادَاتِ، عَلِمْنَا أنَّهُ كان يفعلها لكونه مُحْتَاجاً في تَحْصِيل المَنَافِعِ، ودفْعِ المضَارِّ إلى غيره، ومن كان كذلك كيْفَ يَقْدِرُ على إيصال المَنَافِعِ إلى العِبَادِ، ودَفْعِ المضارّ عنهم؟! وإذَا كان كذِلكَ كان عَبْداً كَسَائِرِ العَبيدِ، وهذا هو عَيْنُ الدَّليلِ الذي حَكَاهُ اللَّهُ تعالى عن إبراهيم - عليه السلام -