من العقاب الذي استحقوه على هذا الذنب، لا جرمٍ صار هذا الذنب مغفوراًن ولو قدّرْنا صدور هذا الذنب من المسلمين، لما صار مغفوراً، فبسبب هذا القدر من التفاوت، حصل لأهْلِ بدر هذا الاختصاص «.
قال ابن إسحاق: لم يكن من المؤمنين أحدٌ ممَّن حضر إلَاّ أحبَّ الفداء، إلَاّ عمر بن الخطاب فإنه أشار على رسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بقتل الأسرى، وسعد بن معاذ قال: يا نَبِيَّ الله الإثْخَان في القَتْلِ أحب إليَّ من استبقاءِ الرِّحالِ، فقال رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ» لو نزل من السَّماءِ عذابٌ لما نَجَا منه غير عمر بن الخطاب، وسعد بن معاذ «
روي أنهم أمسكوا أيديهم عمَّا أخذُوا من الفداء، فنزلت هذه الآية.
فإن قيل: ما معنى» الفاء «في قوله:» فَكُلُوا «؟ فالجوابُ: التقدير قد أبحت لكم الغنائم فكلوا.
و» مَا «يجُوزُ أن تكون مصدرية، والمصدرُ واقعٌ موقع المفعول، ويجوزُ أن تكون بمعنى» الَّذي «وهو في المعنى كالذي قبله، والعائد على هذا محذوف.
وقوله: «حَلَالاً» نصبٌ على الحَالِ، إمَّا من ما الموصولةِ، أو من عائدها إذَا جعلناها اسمية.
وقيل: هو نعتُ مصدرٍ محذوف، أي: أكْلاً حلالاً.
وقوله:«واتَّقُوا» قال ابنُ عطية: «وجاء قوله:» واتَّقُوا اللَّهَ «اعتراضاً فصيحاً في أثناء القولِ؛ لأنَّ قوله:{إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} متصلٌ بقوله: {فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ} يعني: أنه متصلٌ به من حيث إنه كالعلة له. والمعنى: واتقوا اللَّهَ ولا تُقْدِمُوا بعد ذلك على المعاصي واعلموا أنَّ اللَّه غفور لما أقدمتم عليه من الزلة» .
قوله
تعالى
: {ياأيها
النبي قُل لِّمَن في أَيْدِيكُمْ مِّنَ الأسرى} الآية.
لمَّا أخذ الفداء من الأسارى، وشق عليهم أخذ أموالهم، ذكر اللَّهُ تعالى هذه الآية استمالة لهم.
قوله:«مِنَ الأسْرَى» قرأه أبو عمرو بزنة «فُعَالى» والباقون بزنة «فَعْلضى» وقد عُرِفَ ما فيهما.