قوله:{أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ البر والبحر} يهديكم بالنجوم في السماء والعلامات في البحر إذا سافرتم بالليل في البر والبحر. و {وَمَن يُرْسِلُ الرياح بُشْرًى بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} ، وهي المطر، وتقدّم الكلام في «بُشْراً» في الأعراف، {أإله مَّعَ الله تَعَالَى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ} .
قوله:{أَمَّن يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعيدُهُ} لما عدد نعم الدنيا أتبع ذلك بنعم الآخرة، وهي لا تتم إلا بالإعادة بعد الابتداء والإبلاغ إلى حد التكليف، فقد تضمن الكلام كل نعم الدنيا والآخرة، وهي لا تتمّ إلا بالإرزاق، فلذلك قال:{وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السمآء والأرض}«مِنَ السَّمَاءِ» : المطر، ومن الأرض: النبات، {أإله مَّعَ الله قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ} حجتكم على قولكم: إن مع الله إلهاً آخر، {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} ولا برهان لكم فإذاً أنتم مبطلون.
فإن قيل: كيف قيل لهم: أم من يبدؤ الخلق ثم يعيده، وهم ينكرون الإعادة؟ فالجواب: كانوا معترفين بالابتداء، ودللة الابتداء على الإعادة دلالة ظاهرة قوية، فلما كان الكلام مقروناً بالدلالة الظاهرة، صاروا كأنهم لم يبق لهم عذر في الإنكار.