أحدهما: أنه معطوف على {أَطِيعُواْ الله (وَأَطِيعُواْ) الرسول} [النور: ٥٤] وليس ببعيدٍ أن يقع بين المعطوف والمعطوف عليه فاصل، وإن طال، لأنّ حق المعطوف أن يكون غير المعطوف عليه، قاله الزمخشري. قال شهاب الدين: وقوله: (لأن حقَّ المعطوف ... إلى آخره) لا يظهر عِلَّةً للحكم الذي ادَّعاه.
والثاني: أَنَّ قوله: «وَأَقِيمُوا» من باب الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، وحسنه الخطاب في قوله قبل ذلك:«مِنْكُمْ» ثم قال: {وَأَطِيعُواْ الرسول لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} أي: افعلوها على رجاء الرحمة.
قوله:«لَا تَحْسَبَّن» . قرأ العامة:«لَا تَحْسَبَّنَ» بتاء الخطاب، والفاعل ضمير المخاطب، أي: لا تحسبن أَيُّها المخاطب، ويمتنع أو يبعد جعله للرسول - عليه السلام - لأنَّ مثل هذا الحُسبان لا يُتصوَّرُ منه حتى يُنْهى عنهُ. وقرأ حمزة وابن عامر:«لَا يَحْسَبَّن» بياء الغيبة، وهي قراءة حسنةٌ واضحةٌ، فإنَّ الفاعل فيها مضمرٌ، يعودُ على ما دلَّ السياق عليه، أي:«لَا يَحْسَبَّن حاسِبٌ واحدٌ» . وإما على الرسول لتقدُّمِ ذكره، ولكنه ضعيف للمعنى المتقدم، خلافاً لمن لَحَّنَ قارئ هذه القراءة كأبي حاتم