الأول: لن تَقْدِرُوا في التَّسْوِية بَيْنَهُنَّ في مَيْل الطِّبَاع، من الحُبِّ ومَيْل القلب، وإذا لم تَقْدِرُوا عليه، لَمْ تكُونوا مكَلَّفين به.
قالت المُعْتَزَلَة: هذا يدلُّ على أن تَكْلِيفَ ما لا يُطَاق، غيْر وَاقِع ولا جائز الوُقُوع، وقد تَقَدَّم إلزامهم في العِلْمِ والدَّاعِي، وقد يُجَاب أيْضاً: بأنه - تعالى - إنما نَفَى الاسْتِطَاعة الَّتي هي من جِهَة المكَلَّفِ، ولَمْ يَنْفِ التَّكْلِيف الَّذِي هو من جهة الشَّارع، فالآيَة لا تَدُلُّ على نَفْيِ التَّكْلِيفِ، وإنما تَدُلُّ على نفي اسْتِطَاعة المكَلَّف.
الثاني: لا يستطيعون التَّسْوِيَةَ بينهن في الأقْوَال والأفْعَال؛ لأن التَّفَاوُت في الحُبِّ، يوجِبُ التَّفَاوُت في نتائِجِ الحُبِّ؛ لأن الفِعل بدون الدَّاعِي، [و] مع قيام الصَّارف مُحَالٌ.
ثم قال:«فَلَا تَمِيلُواْ» أي: إلى التي تُحِبُّونها، «كُلَّ المَيْل» في القِسْمة، واللَّفْظ والمَعْنَى: أنكم لَسْتُم تَحْتَرِزُون عن حُصُول التَّفَاوُت في المَيْل القَلْبِي؛ لأن ذَلِك خَارِجٌ عن وُسْعكُم، ولكنكم مَنْهِيُّون عن إظْهَار ذلك [التفاوت] في القَوْل والفِعْل.
«روي عن رسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: [أنه] كان يَقْسِم، ويقول:» هذا قَسَمِي فيما أمْلِكُ، وأنْت أعْلَم بما لا أمْلِكُ «.