هذا جواب قسم مَحْذُوف وقرأ ابن كثير وابن عامر، وهي قراءة الحسن وأبي عبد الرحمن:«قَتَّلُوا» بالتشديد؛ مُبَالغَة وتكثيراً، والباقون بالتّخْفِيفِ.
و «سَفَهاً» نصب على الحالِ، أي: ذوي سَفَهٍ أو على المَفْعُول من أجْلِه، وفيه بَعْدٌ؛ لأنه ليس عِلَّة بَاعِثة أو عَلَى أنه مصدر لِفِعْل مقدَّر، أي: سَفَهُوا سَفَهاً أو على أنه مَصْدر على غير الصَّدْر؛ لأن هذا القَتْل سَفَهٌ.
وقرأ اليماني «سُفَهاء» على الجَمْع، وهي حال وهذه تقوِّي كون قراءة العامَّة مَصْدراً في موضع الحال، حيث صرّح بها، و «بِغَيْر علِمٍ» : إما حالٌ أيضاً وإما صِفَة ل «سَفَهاً» وليس بِذَالكَ.
فصل في إلزام الكفار الخسران
واعلم أنه - تبارك وتعالى - ذر فيما تقدَّم قَتْلضهم أولادهم وتحريمهم ما رَزَقَهم الله، ثم إنه - تبارك وتعالى - جمع هَذَيْن الأمْرَيْن في هذه الآية الكريمة، وبيَّن ما لَزمهم على هذا الحكم هو الخُسْرَان والسَّفَاهة وعدم العِلم، وتَحْرِيم ما رَزَقَهم الله والافتراء على اللَّه، والضَّلال وعدم الاهْتِداء، فهذه أمور سَبْعَة وكل واحد منها سَبَبٌ تامٌّ في حصول الذَّمِّ، أما الخُسْرَان: فلأن الولد نِعْمة عَظِيمة على العَبْد من الله، فمن سَعَى في إبْطَالهِ، فق خَسِر خُسْرَاناً عظيماً، ولا سيِّما يستحق على ذلك الإبْطَال الذَّم العَظِيم في الدُّنْيَا والعِقَاب في الآخرة، أما لذم في الدُّنيا: فلأن النَّاسَ يَقُولون: قَتَلَ وَلَدَهُ خوفاً من أن يَأكُل طعامه، وليس في الدُّنْيا ذَمٌّ أشد منه.
وأما العِقَاب في الآخِرة: فلأن قرارة الولادَة أعظم مُوجبات المحبَّة، فمع حُصُولها إذا أقدم على إلْحاق أعْظَم المَضارِّ به، كان ذلك أعْظَم الذُنُوب، فكان مُوجباًلأعْظَم أنْواع العقاب.
وأما السَّفَاهة: فهي عِبَارة عن الخِفَّة المذمومة؛ وذلك لأن قَتْل الولد إنما يكون