الثاني: أها حال من «نُعَاساً» لأنها في الأصل - صفةٌ، فلما قُدِّمَتْ نُصِبت حالاً.
الثالث: أنها مفعولٌ من أجْله، وهو فاسدٌ؛ لاختلال شَرْطِهِ - وهو اتحادُ الفاعلِ - فإنّ فاعل «أنْزَلَ» غير فاعلِ الأمَنَةِ.
الرابع: أنه حالٌ من المخاطبين في «عَلَيْكُمْ» وفيه حينئذٍ - تأويلانِ:
إما على حَذْف مضافٍ - اي ذور أمَنَةٍ - وإما أن يكون «أمَنَةً» جمع آمن، نحو بار وبَرَرَة، وكافر وكَفَرَة.
وألأما «نُعَاساً» فإن أعْرَبْنا «أمَنَةً» مفعولاً به كان بدلاً، وهو بدل اشتمالٍ؛ لأن كُلاًّ من الأمَنَةِ والنُّعَاسِ يشتملُ على الآخر، أو عطف بيان عند غير الجمهورِ؛ فإنهم لا يشترطون جريانه في المعارِفِ، أو مفعولاً من أجلِهِ، وهو فاسدٌ؛ لما تقدم وإن أعربنا «أمَنَةً» حالاً، كان «نُعَاساً» مفعولاً ب «أنزَلَ» و «أنْزَلَ» عطف على «فأثَابَكُمْ» وفاعله ضمير اللهِ تَعَالى، و «أل» في «الْغَمِّ» للعهد؛ لتقدُّم ذِكْره ورد أبو حيان على الزمخشريِّ كون «أمَنَةً» مفعولاً به بما تقدم، وفيه نظرٌ، فإن الزمخشريَّ قال أو مفعولاً له بمعنى نعستم أمنة. فقدر له عاملاً يتحد فاعله مع فاعل «أمَنَةً» فكأنه استشعر السؤال، فلذلك قدرَ عاملاً على أنه قد يُقال: إن الأمَنَةَ من اللهِ تَعَالَى، بمعنى أنهُ أوقعها بهم، كأنه قيل: أنزلَ عليكم النعاس ليُؤمِّنَكُمْ به.
و «أمَنَةً» كما يكون مصدراً لمن وقع به الأمن يكون مصدراً لمن أُوقِع به.
وقرأ لجمهور: أمَنَةً - بفتح الميم - إما مصدراً بمعنى الأمن، أو جمع آمن، على ما تقدم تفصيله. والنَّخَعِيُّ وابن محيصن - بسكون الميم وهو مصدرٌ فقط، والأمْن والأمَنة بمعنًى واحدٍ، وقيل الأمْنُ يكون مع زوالِ سببِ الخَوفِ، والأمَنة مع بقاء سببِ الخوفِ.