دلت الآية على أنه خرج بأظهر زينة وأكملها، وليس في القرآن إلا هذا القدر والناس ذكروا وجوهاً مختلفة، والأولى ترك هذه التقديرات لأنها متعارضة، ثم إن الناس لمَّا رأوه على تلك الزينة قال من كان منهم يرغب في الدنيا:{ياليت لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} من الحال، وهؤلاء الراغبون يحتمل أن يكونوا من الكفار، وأن يكونوا من المسلمين الذين يحبُّون الدنيا، فأمّا الذين أوتوا العلم - وهم أهل الدين - قال ابن عباس: يعني الأحبار من بني إسرائيل، وقال مقاتل: أوتوا العلم بما وعد الله في الآخرة. فقالوا للذين تمنوا:{وَيْلَكُمْ ثَوَابُ الله خَيْرٌ} من هذه النعم، أي: ما عند الله من الجزاء والثواب {خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ} وصدَّق بتوحيد الله وعمل صالحاً، لأن للثواب منافع عظيمة خالصة عن شوائب المضار دائمة، وهذه النِّعم على الضد في هذه الصفات.
قوله:«وَيْلَكُمْ» : منصوب بمحذوف، أي:«ألْزَمَكُمْ اللَّهُ وَيْلَكُمْ» ، قال الزمخشري: ويلك أصله الدعاء بالهلاك، ثم استعمل في الزجر والرَّدع والبعث على ترك ما يضر.
قوله:«وَلَا يُلَقَّاهَا» أي: هذه الخصلة وهي الزهد في الدنيا والرغبة فيما عند الله. وقيل: الضمير يعود إلى ما دل عليه قوله: {آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} يعني هذه الأعمال لا يؤتاها إلا الصَّابرون (وقال الزجاج: ولا يُلَقَّى هذه الكلمة وهي قولهم: {ثَوَابُ الله