«فُرَادَى» منصوب على الحال من فاعل «جِئْتُمُونَا» ، و «جئتمُونَا» فيه وجهان:
أحدهما: أنه بمعنى المستقبل، أي: تجيئوننا، وإنما أبرزه في ورة الماضي لِتَحَقُّقِهِ كقوله تعالى:{أتى أَمْرُ الله}[النحل: ١]{ونادى أَصْحَابُ الجنة}[الأعراف: ٤٤] .
والثاني: أنه ماضٍ، والمراد به حكاية الحال بين يدي الله - تعالى - يوم يُقال لهم ذلك، فذلك اليوم يكون مجيئهم ماضياً بالنسبة إلى ذلك اليَوْمِ.
واختلفوا في قول هذا القَائِل، فقيل: هو قول الملائكة المُوَكَّلِينَ بعقابهم.
وقيل: هو قول الله تعالى، ومنشأ هذا الخلاف أن الله - تبارك وتعالى - هل يَتَكَلَّمُ مع الكُفَّارِ أم لا؟ فقوله تبارك وتعالى في صفة الكفار:«وَلَايُكَلِّمُهُم» يوجب ألَاّ يتكمل معهم، فلهذا السبب وقع الاخْتِلافُ، والأول أقوى؛ لأن هذه الآية الكريمة معطوفة على ما قبلها، والعطف يوجب التَّشْرِيكَ.
واختلفوا في «فُرَادَى» هل هو جمع أم لا، والقائلون بأنه جَمْعٌ اختلفوا في مُفْرَدِهِ: فقال الفراء: «فُرَادى» جمع «فَرْد وفَرِيد وفَرَد وفَرْدَان» فجوز أن يكون جَمْعاً لهذه الأشياء.
وقال ابن قُتَيْتَةَ: هو جمع «فَرْدانَ» كسَكْرَانَ وسُكَارَى وعَجْلان وعُجالى.
وقال قوم: هو جمع فَرِيد كَرَدِيف ورُدَافى، وأسِير وأسَارى، قال الراغب، وقال: هو جمع «فَرَد» بفتح الراء، وقيل بسكونها، وعلى هذا فألفها للتأنيث كألف «سُكَارى» و «أسارى» فيمن لم يتصرف.
وقيل: هو اسم جمع؛ لأن «فرد» لا يجمع على فُرَداى فرد أفراد، فإذا قلت: جاء القوم فُرَادة فمعناه واحداً واحداً.