قوله تعالى:{قَالَتِ الأعراب آمَنَّا} الآية. لما قالت تعالى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أَتْقَاكُمْ}[الحجرات: ١٣] والاتّقاء لا يكون إلا بعد حصُول التقوى وأصله الإيمان والاتِّقاء من الشِّرك قالت الأعراب يكون لنا النسب الشريف يكون لنا الشرف قال الله تعالى: ليس الإميان بالقول إنما بالقلب، فما آمنتم فإن الله خبير بعلم ما في «الصدور» ولكن قولوا أسلمنا أي أنْقَدْنَا وأَسْلَمْنَا. قيل: نزلت في نَفَرٍ من بني أسد بن خزيمة، قدموا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في سَنةٍ مُجَدِبَةٍ، فأظهروا الإِسلام ولم يكونوا مؤمنين في السر طالبين الصدقة فأفسدوا طرق المدينة بالقاذورات وكانوا يغتدون وَيُرحُون إلى رسو لالله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ويقولون: أَتَتْكَ العرب بأنفسها على ظهور رَوَاحِلهَا، وجئناك بالأثقال والعِيَال والذَّرارِي ولم نُقاتِلكَ كما قاتَلَكَ بنُو فلان يَمُنُّون على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ويريدون الصدقة، ويقولون أَعْطِنَا، فانزل الله تعالى فيهم هذه الآية. وقال السدي: نزلت في الأعراب الذين الله تعالى في سورة الفتح وهم جُهَيْنَةُ ومُزَيْنَةُ وأَسْلَمُ، وأشْجَعُ وغِفَار وكانوا يقولون: آمنًّا ليأمَنُوا على أنفسهم وأموالهم فلما استنفروا إلى الحديبية تخلفوا فأنزل الله تعالى: {قَالَتِ الأعراب آمَنَّا} صدقنا {قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ ولكن قولوا أَسْلَمْنَا} أنقَذْنا واسْتَسْلَمْنَا مخالفَة القتل والسَّبْي.
قال ابن الخطيب: وقد بينا أن ذلك كالتاريخ للنزول لا للاختصاص بهم، فكل من