العامل في «إذْ» مضمَر، تقديره: واذكر إذْ غدوت، فينتصب المفعول به لا على الظرف، وجوَّز أبو مسلم أن يكون معطوفاً على {فِئَتَيْنِ} في قوله: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ}[آل عمران: ١٣] أي: قد كان لكم آية في فئتين، وفي إذْ غَدَوْتَ، وهذا لا ينبغي أن يعرَّج عليه.
وقال بعضهم: العامل في «إذْ»«محيط» تقديره: بما يعملون محيط إذْ غَدَوْتَ.
قال بعضهم: وهذا لا يَصحّ؛ لأن الواو في (وَإِذْ) يمنع في عمل (مُحِيطٌ) فيها.
والغُدوّ: الخروج أول النهار، يقال: غدا يغدو، أي: خرج غدوة، وفي هذا دليل على جواز صلاة الجمعة قبل الزوال؛ لأن المفسِّرين أجمعوا على أنه إنما خرج بعد أن صَلَّى الجمعة.
قوله:«من أهلك» متعلق ب «غَدَوْتَ» ، وفي «مِنْ» وجهان:
أحدهما: أنها لابتداء الغاية، أي: من بين أهلك.
قال أبو البقاء:«وموضعه نصب، تقديره فارقت أهلَك» .
قال شهابُ الدِّيْنِ:«وهذا الذي قاله ليس تفسير إعراب، ولا تفسير معنى؛ فإن المعنى على غير ما ذكر» .
الثاني: أنها بمعنى: «مع» أي: مع أهْلك، وهذا لا يساعده لفظ، ولا معنى.
قوله:«تبوئ» يجوز أن تكون الجملة حالاً من فاعل: «غَدَوْتَ» ، وهي حال مقدرة، أي: قاصداً تَبْوئةَ المؤمنين؛ لأن وقت الغدو ليس وقتاً للتبوئة، ويُحْتَمَل أن تكون حالاً مقارنة؛ لأن الزمان متسع.