و «تبوئ» أي تُنزل، فهو يتعدى لمفعولين، إلى أحدهما بنفسه، وإلى الآخر بحرف الجر، وقد يُحْذَف - كهذه الآية - ومن عدم الحذف قوله تعالى:{وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ البيت}[الحج: ٢٦] وأصله من المباءة - وهي المرجع -.
وقيل: اللام في قوله «لإبراهيم» مزيدة، فعلى هذا يكون متعدياً لاثنين بنفسه.
و «مقَاعِدَ» جمع مَقْعَد، والمراد به - هنا - مكان القعود، و «قعد» قد يكون بمعنى: «صار» في المثل خاصة.
قال الزمخشري:«وقد اتُّسِعَ في قَامَ، وقَعَدَ، حتى أجْرِيَا مُجْرَى صار» .
قال أبو حيان: أما إجراء قَعَدَ مُجْرَى صار، فقال بعض أصحابنا: إنما جاء ذلك في لفظة واحدة شاذة في المثل قولهم: شَحَذَ شَفْرَتَه حتَّى قَعَدَتْ كأنَّهَا حَرْبَةٌ، ولذلك نُقِد على الزمخشري تخريجُه قوله تعالى:
{فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً}[الإسراء: ٢٢] بمعنى تصير؛ لأنه لا يَطَّرِد إجراء قَعَدَ مُجْرَى صار.
قال شهابُ الدين:«وهذا - الذي ذكره الزمخشري - صحيح، من كون قَعَد بمعنى: صار في غير ما أشار إليه هذا القائل؛ حكى أبو عمر الزاهد - عن ابن الأعرابي - أن العرب تقول: قعد فلان أميراً بعد أن كان مأموراً، أي: صار» .
ثم قال أبو حيان: وأما إجراء قام مُجْرَى صار، فلا أعلم أحداً عدَّها في أخَوَاتِ «كان» ، ولا جعلها بمعنى «صار» إلا ابن هشام الخَضْراوي، فإنه ذكر - في قول الشاعر:[الوافر]