للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لمَّا قرر المعاد بالدَّليل الظَّاهِرِ أتبعه بذكْرِ قَصَصِ الأنْبِياء لفوائد:

أحدها: التَّنبيه على أنَّ إعراض النَّاسِ عن قبول الدلائل والبينات ليس مَخْصوصاً بِقَوْم مُحَمَّد - عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ - بل هذه العادَةُ المذمُومَة كانت حاصلة في جميع الأمَم السَّابقة، والمصيبة إذا عمَّت خَفَّت، ففي ذِكْرِ قَصَصِهم تسلِيَة للرَّسُولِ - عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ - وتخفيف عن قَلْبِهِ.

وثانيها: أنَّهُ تعالى يحكي في هذه القَصَصِ أنَّ عَاقِبَة أمر أولئك المنكرين كان إلى اللّعْنِ في الدُّنْيَا، والخسارة في الآخِرَةِ، وعاقبة أمر المحقّين [إلى الدَّوْلَةِ في الدُّنْيَا، والسَّعادة في الآخرة، وذلك يقوي قلوب المُحِقِّين] ، ويكسر قلوب المبطلين.

وثالثها: التنبيه على أنَّهُ تعالى، وإن كان يمهل المبطلين لكنَّهُ لا يُهْمِلُهُمْ بل يعاقِبُهُم، وينتقمُ منهم.

ورابعها: بيان ما في هذه القصص من الدّلالةِ على نُبُوَّةِ محمد - عليه الصَّلاة والسَّلام - لأنَّهُ كان أميّاً، لم يطالع كتاباً، ولا تَلْمَذَ لأستاذن فإذا ذكر هذه القصص من غير تحريف ولا خطأ دَلَّ ذلك على أنَّهُ عرفها بوحي من الله تعالى.

قوله: «لقد أرْسَلْنَا» جواب قسم محذوف تقديره: «والَّه لقد أرْسَلْنَا» .

قال الزَّمَخْشَرِيُّ: فإن قلت: ما لهم لا يكادون ينطقون بهذه اللَاّم إلَاّ مع «قَدْ» ، وقلَّ عنهم قوله: [الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>